تحرص المملكة السعودية كل الحرص على إرساء القواعد والضوابط التي تعمل على حماية مواطنيها من أي مكروه قد يصيبهم، وذلك من خلال الأنظمة التي يضعها المنظم السعودي لضبط كيفية العمل في كثير من المجالات، ولعل من أبرز وأهم تلك المجالات هو المجال الطبي، حيث يعتبر ذلك المجال ذو صفة خاصة لأنه يتعلق مباشرة بحياة الأفراد، ولذلك عمل المنظم على بيان كافة الواجبات التي يجب أن يلتزم بها كل من يمارس تلك المهنة الهامة، فلا يجب أن يمارس تلك المهنة من لا يتحمل مسؤوليتها، وذلك لأن سواء كان ذلك الممارس طبيب أو ممرض أو طبيب أسنان أو صيدلي أو فنى لابد أن تتوفر لديه العديد من الشروط والضوابط التي تؤهله لتحمل أعباء تلك المهنة الهامة، وقد أوضح نظام مزاولة المهن الصحية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/59) وتاريخ 4/11/1426هـ ولائحته التنفيذية كافة الشروط والالتزامات التي تقع على عاتق كل من يزاول المهن الطبية وبالأخص التزامات الطبيب في السعودية، والذى سنتطرق للحديث عنها في هذا المقال بصورة مركزة نظراً لأهمية تلك المهنة في المملكة.
يعتبر الطبيب من أحد الممارسين الصحيين، المرخص لهم بمزاولة المهن الصحية في السعودية، سواء كان من الأطباء البشريين وأطباء الأسنان، والجدير بالذكر أن المهن الصحية في السعودية تتضمن أيضاً الصيادلة الأخصائيين والفنيين الصحيين في الأشعة، والتمريض، والتخدير، والمختبر، والعلاج الطبيعي، والأخصائيين النفسيين، والاجتماعيين، وأخصائي التغذية والصحة العامة، والإسعاف، ومعالجة النطق والسمع والتأهيل الحرفي، وغير ذلك من المهن الصحية الأخرى التي يتم الاتفاق عليها بين وزير الصحة والخدمة المدنية والهيئة السعودية للتخصصات الصحية.
إقرأ أيضاً: مسؤولية الطبيب عن الأخطاء الطبية
وطبقاً لما جاء في نظام مزاولة المهن الصحية ولائحته التنفيذية، يزاول الممارس الصحي مهنته لمصلحة الفرد والمجتمع في نطاق احترام حق الإنسان في الحياة وسلامته وكرامته، مراعياً في عمله العادات والتقاليد السائدة في المملكة ووفقاً للمبادئ الشرعية والمعايير الطبية المعتمدة مبتعدا عن الاستقلال.
كما يسري دليل أخلاقيات مزاولة المهنة الصحية والأدلة الأخرى التي تعتمدها الهيئة على ممارسي المهن الصحية، ويحظر على الممارس الصحي تصوير أو نشر العمليات الجراحية أو الإجراءات العلاجية ما لم تكون بموافقة خطية من المريض، وموافقة المستشفى، وألا يخالف الآداب العامة وأخلاقيات المهنة.
كما يلتزم الممارس الصحي بمعاونة السلطات المختصة في أداء واجبها نحو حماية الصحة العامة، ودرء الأخطار التي تهددها في السلم والحرب.
بالإضافة لذلك يجب على الممارس الصحي أن يعمل على تنمية معلوماته، وأن يتابع التطورات العلمية الحديثة في مجال تخصصه وعلى إدارات المنشآت الصحية تسهيل حضوره للندوات والدورات وأيضاً المشاركة في البحوث وتوفير مصادر المعلومات للممارسين الصحيين، حيث يؤخذ ذلك في الاعتبار عند النظر في الترقيات، وذلك من خلال وضع الهيئة للممارس الصحي ولإدارات المستشفيات ضوابط تنمية المعلومات على أن تشمل ساعات التعليم الصحي المستمر والساعات المعترف بها للتدريب ونوع الدورات المطلوبة ومساعدته على استكمال ساعات التعليم المستمر المقررة بما لا يتعارض مع التزام الممارس الصحي تجاه المرضى.
كما يجب على الممارس الصحي ألا يمارس طرق التشخيص والعلاج غير المعترف بها علمياً، أو المحظورة في المملكة، وأيضا يجب على الممارس الصحي الذي يشهد أو يعلم أن مريضاً أو جريحاً في حالة خطرة أن يقدم له المساعدة الممكنة وفق إمكانياته المتاحة دون طلب أتعابه مقدماً، وإذا كانت حالة المريض تستدعي مزيداً من العناية الطبية التي لا يستطيع الممارس الصحي تقديمها عليه التواصل مع الجهات المعنية لإيجاد وسيلة لنقله إلى أقرب مستشفى ملائمة لعلاجه، وأن يتأكد من أنه يتلقى العناية الضرورية.
كما أنه على الممارس الصحي الذي يعمل بنظام المناوبات الاستمرار في تقديم الرعاية اللازمة للمرضى والمراجعين حتى يتم تسليم المناوبة.
هذا ويجب أن يستهدف العمل الطبي دائماً مصلحة المريض، وعلى الممارس الصحي أن يبذل جهده لكل مريض، ولا يجوز للممارس الصحي في غير حالة الضرورة أن يقوم بعمل يجاوز اختصاصه أو إمكاناته كوصف أدوية أو فحوصات لا لزوم لها أو تنويم المريض إذا كانت حالته لا تستدعي ذلك، أو أن يقوم بإجراء أي عمل طبي لا يحقق فائدة للمريض، وذلك من خلال التزامه بجدول الصلاحيات الاكلينيكية المعتمدة من المستشفى.
إقرأ أيضاً: الجرائم والعقوبات في نظام التبرع بالأعضاء البشرية
ويحظر على الممارس الصحي الإعلان عن نفسه والدعاية لشخصه مباشرة أو بالوساطة وذلك من خلال القيام بإعلانات ذات طابع تجاري غير مبنية على أسس علمية أو تتعارض مع أخلاقيات المهنة، كما يحظر على الممارس الصحي أن يسجل على اللوحات أو البطاقات أو الوصفات الطبية، أو الإعلانات ألقاباً علمية أو تخصصات لم يحصل عليها.
هذا بالإضافة إلى أنه يجب على الممارس الصحي فور معاينته لمريض مشتبه في إصابته جنائياً أو بحادثة كيميائية أو بيولوجية، أو إصابته بمرض معدي أن يبلغ الجهات الأمنية المختصة ويقوم بوصف الإصابة بدقة يتم توقيعها من طبيبين ومعتمدة من المستشفى، وذلك وفقا للقواعد والاجراءات التي تضعها وزارة الصحة، أما في حال عند استقبال حالات العنف الأسري يتم مراعاة آلية التعامل مع حالات إساءة معاملة الأطفال والعنف الأسري.
ولا يجوز للممارس الصحي مزاولة أكثر من مهنة صحية واحدة حتى لو كان حاصلاً على مؤهلاتها، أو أي مهنة أخرى تتعارض مزاولتها مع المهن الصحية، ويحظر عليه طلب عمولة أو مكافأة أو قبولها أو أخذها، كما يحظر عليه الحصول على أي منفعة مادية أو معنوية من شركات الأدوية أو التجهيزات الطبية لقاء الترويج أو التسويق، أو الالتزام بوصف أدوية أو أجهزة أو توجيه المرضى إلى صيدلية معينة، أو مستشفى أو مختبر محدد.
وكذلك لا يجوز للممارس الصحي في غير الحالات الطارئة إجراء الفحوص أو العلاج بالمقابل أو بالمجان في الصيدليات أو الأماكن غير المخصصة لذلك، ولا يشمل المنع الإجراءات الوقائية المتعلقة بالتطعيمات التي تعتمدها وزارة الصحة، وقياس المؤشرات الحيوية مثل قياس الضغط والحرارة، وتحليل مستوى السكر وما شابهها من القياسات، كما تعد الأماكن المخصصة لإجراء الفحوص أو العلاج هي منازل المرضى التي تقدم فيها خدمات الرعاية الصحية المنزلية، و المدارس التي تقدم فيها خدمات الصحة المدرسية، وأيضاً الأماكن العامة التي تنفذ فيها الحملات المجتمعية او ما في حكمها.
ومن المحظورات الهامة التي يحظر على الممارس الصحي فعلها ما يلي:
- استخدام غير المرخص لهم من ذوي المهن الصحية، أو تقديم مساعدة لأي شخص يمارس مهنة صحية بصورة غير مشروعة.
- الاحتفاظ في مقر العمل بالأدوية واللقاحات خلافاً لما تسمح به تعليمات وزارة الصحة ماعدا المنشآت الصيدلية.
- بيع الأدوية للمرضى باستثناء بيعها في المنشآت الصيدلانية، أو بيع العينات الطبية بصفة مطلقة.
- تسهيل حصول المريض على أي ميزة أو فائدة مادية أو معنوية، غير مستحقة أو غير مشروعة.
- إيواء المرضى في غير الأماكن المعدة لذلك، عدا ما تقتضيه الحالات الإسعافية أو الطارئة.
- استخدام أجهزة كشف، أو علاج محظورة في المملكة أو غير مرخصة.
- إصدار تقارير غير صحيحة أو مبالغ فيها بغرض حصول المريض على إجارة مرضية أو شهادة صحية أو أي ميزة أخرى.
- للطبيب والصيدلي فقط الاحتفاظ بالعينات الدوائية التي لم ينته تاريخ صلاحيتها وغير المستخدمة للبيع أو الأدوية الإسعافية على أن يتم حفظها وتخزينها بشكل سليم في مقر عمله لصرفها بدون مقابل في حالات الضرورة.
إقرأ أيضاً: نظام المؤسسات الصحية الخاصة
ولعل من أهم التزامات الطبيب تجاه مرضاه أنه لا يجوز للطبيب الذي يدعى إلى توقيع كشف طبي على متوفى أن يعطي تقريراً بالوفاة إلا بعد أن يتأكد بحسب خبرته الطبية من سبب الوفاة وذلك من خلال إجراء كشف طبي دقيق للتأكد من توقف الوظائف الحيوية للجسم بواسطة الكشف السريري والوسائل الفنية الأخرى، ومع ذلك لا يجوز للطبيب أن يعطي تقريراً إذا اشتبه في أن الوفاة ناجمة عن حادث جنائي وعليه في هذه الحالة إبلاغ السلطات المختصة فوراً بذلك، على أن يقوم بإثبات الإصابات بتقرير طبي يسلم للجهات الأمنية المختصة.
كما يجب على الممارس الصحي أن يحافظ على الأسرار التي علم بها عن طريق مهنته، حيث يعتبر الملف الطبي والمعلومات المدونة فيه من الملفات السرية التي لا يجور الاطلاع عليها إلا من قبل الكادر الطبي المعالج أو المريض أو بناء على طلب من جهة أمنية أو قضائية أو لأعراض علمية بعد أخذ الموافقة من الجهة ذات العلاقة، ولا يجوز له إفشاؤها إلا في بعض الأحوال، والتي منها الإبلاغ عن حالة وفاة ناجمة عن حادث جنائي أو الحيلولة دون ارتكاب جريمة، ولا يجوز الإفشاء في هذه الحالة إلا للجهة الرسمية المختصة أو في حالة الإبلاغ عن مرض سار أو معد، أو في حال دفع الممارس لاتهام وجهه إليه المريض أو ذويه يتعلق بكفايته أو بكيفية ممارسته المهنة.
هذا كما يحظر على الطبيب إجهاض أي امرأة حامل إلا إذ اقتصت ذلك ضرورة إنقاذ حياتها، ومع ذلك يجوز الإجهاض إذا لم يكن الحمل أتم أربعة أشهر وثبت بصورة أكيدة أن استمراره يهدد صحة الأم بضرر جسيم، وثبت هذا الأمر بقرار من لجنة طبية.
مستشارك للأعمال القانونية يقدم كافة الخدمات القانونية في القضايا الطبية، ويشمل ذلك قضايا الأخطاء الطبية في المملكة العربية السعودية.
لا تترد في طلب استشارات قانونية ، فقط اتصل على رقم: 0118274291 أو عبر الواتساب على رقم: 0594305020