إجراءات قسمة التركات في السعودية

شارك المحتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي:

إجراءات قسمة التركات في السعودية
إجراءات قسمة التركات في السعودية

قسمة التركات في السعودية من أهم الإجراءات التي تنتهجها المملكة لعظم شأنها، حيث أرستها الشريعة الإسلامية ونظمتها وأوجبت وفائها لمستحقيها وفق ما شرعه الله سبحانه وتعالى مرضاةً له وخوفاً منه، فتقسيم التركة من أهم المواضيع التي ينشغل بها العامة في المملكة العربية السعودية، فهي تعد من القضايا المالية الهامة وأيضاً التي تشتد فيها المطالبة والمنازعة، فالأساس أن الورثة هم أقرب الناس لبعضهم البعض، لذلك حرص المنظم السعودي على وضع القواعد والإجراءات العامة التي تنظم قسمة التركات بين الورثة لدعم العلاقات الإجتماعية بين الأقارب وعدم تكاثر الكره والعداوة بينهم، وهذا الأمر يعد في مجمله مستمد من الشريعة الإسلامية، ومن هنا سنتعرف على أهم الإجراءات والخطوات التي يجب إتخاذها حال وجود تركة يُرغب في تقسيمها بين الورثة.

أولاً: حقوق تتعلق بالتركة يجب أداءها قبل تقسيمها

أوجبت المادة 198 من نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد بعض الأمور الواجب أداءها قبل قسمة التركة على الورثة، وهي تجهيز الميت بالمعروف بمعنى الأخذ من التركة نفقة تجهيز الميت وتكفينه، وقضاء الديون التي تكون في ذمة الميت ويقدم منها ما كان متعلق بعين من التركة، وتنفيذ الوصية وهي التي تعرف بالتصرف بمال على وجه التبرع مضاف إلى ما بعد موت الموصي وفق المادة 169 من ذات النظام، ثم أخيراً قسمة ما يتبقى من التركة على الورثة حسب الفروض وأصحابها.

ثانياً: الخطوات التمهيدية قبل إجراء قسمة التركة

يجب على الورثة قبل الدخول في إجراءات قسمة التركة في السعودية بينهم حسب نوعها، البدء في إتخاذ عدة خطوات هامة تؤدى في نهاية الأمر لسهولة حفظ كل وارث لحقة في التركة المقسمة، ففي البداية يجب على الورثة استصدار شهادة وفاة المتوفى، لأنه لا تركة إلا بوفاة حقيقية أو حكم قضائي وفق المادة 199 من نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد، ثم يقوم الورثة بعد إستصدار شهادة الوفاة بإستصدار ما يسمى بصك حصر الوراثة، بحيث يقرر القاضي ثبوت وفاة المورث فيه وتاريخ وفاته والورثة المنحصر الإرث عليهم، بالإضافة إلى ذلك أهم خطوة يجب أن يتخذها الورثة هي استخراج صك ولاية قاصر حال وجود قاصر بينهم شريك في الإرث، وهذا الصك يستخرج حال كان القاصر قاصراً سناً أو عقلاً، وكذلك يجب على الورثة قبل القسمة إثبات الوصية أو الوقف، فالوصية حق مقدم على الحقوق المتعلقة بالتركة، وتثبت إما بإثبات المورث لها قبل وفاته وأصدر بها صك، أو قيام الورثة بإجراءات ثبوتها حال أوصى بها المورث قبل وفاته ولم يثبتها حال حياته.

كما أنه من الطبيعي عدم ترك الورثة أموال التركة دون إدارة حتى تتم إجراءات قسمتها، فالغالب في هذا الامر والمعتاد أن يقوم أكبر الورثة سناً بإدارة أموال التركة لحين قسمتها، حيث تتم هذه الإدارة من خلال فرضين لا ثالث لهما، الأول بأن يتولى القائم على إدارة التركة من خلال توكيلات من باقي الورثة له، وفى هذه الحالة يكون مسؤولاً عليها ويمكن محاسبته قضائياً حال تصرف خارج حدود وكالته أو إذا تصرف بشكل يضر بالورثة، والفرض الثاني أن تتم إدارة التركة دون عمل توكيلات من باقي الورثة، ويترتب في هذه الحالة عدم أحقيته في التصرف في نصيب الورثة أو إتخاذ أي قرارات فردية، كما أنه في حال الاستئثار بشيء دون باقي الورثة، فأنه يحق لهم المطالبة بنصيبهم أمام القضاء.

ثالثاً: أنواع قسمة التركة في السعودية

بعد قيام الورثة بإتخاذ الخطوات اللازمة لإستحقاقهم قسمة التركة فيما بينهم، فإنهم يشرعون في إجراءات تقسيم التركة، وتقسيم التركة بين الورثة لا يخرج عن نوعين أو طريقتين وهما، قسمة التراضي أو قسمة الإجبار.

1- قسمة التراضي بين الورثة وإجراءاتها في السعودية

قسمة التراضي تتم بإتفاق جميع الورثة على تقسيم جميع التركة فيما بينهم، بحيث يجتمع جميع الورثة والوكيل الشرعي عن الورثة الغائبين عن الإجتماع، ويقومون جميعهم بحصر كلاً من الديون المتعلقة بعين التركة والديون المتعلقة بذمة المورث وأيضاً الديون المعدومة التي يظهر عدم إمكانية تحصيلها، ثم يقومون بحصر جميع أعيان تركة المورث والتي يمكن أن تكون عقارات أو شركات أو مؤسسات أو أملاك أخرى، أو أموال نقدية أو أسهم شركات أو سندات دين، ويكمن أيضاً أن تكون منقولات كالملابس والهواتف والسيارات.

كما أنه في حال عدم قدرة الورثة على معرفة جميع أموال المورث، فيحق لهم مخاطبة أي جهة رسمية مثل وزارة التجارة، هيئة السوق المالية، دون اللجوء للقضاء.

يعقب الورثة قيامهم بالحصر البدء في تقييم جميع أعيان التركة تقييم تفصيلي، حيث يمكن إجراء التقييم من خلال مقيم مرخص له، حتى يتم إستخلاص نصيب كل وارث حسب الأنصبة الشرعية، بعد ذلك يسدد الورثة كافة الديون الثابتة على المورث ويتم السداد بموجب مخالصات مع الدائنين يتم توثيقها، ثم يقوم الورثة بحجز أي مبالغ تتعلق بوصية من التركة، وأخيراً يتم تقسيم التركة بين الورثة حسب النصيب الشرعي لكل منهم ويقومون بتوقيع ورقة إثبات القسمة ويوقعون أيضاً على إقرار بحدوث القسمة بالرضاء فيما بينهم دون أي إكراه أو غبن، فإذا كان من بين الورثة قصر وتم التراضي على القسمة فأنه يجب على الورثة إثبات القسمة لدى محكمة الأحوال الشخصية، كما أنه بعد كل ذلك يحق للورثة التوجه للجهة الرسمية المختصة لإفراغ ملكية مال المورث لهم وفق القسمة.

كما أن ورقة إثبات القسمة بطريق الرضاء بعد الإنتهاء من قسمة التركة لها الحجية في مواجهة جميع الورثة ولا يجوز نقضها، وهذا لا ينفى أحقية الوارث المغبون أو المعيبة إرادته في إقامة دعوى إبطال القسمة حال كانت قائمة على غبن أو عيب إرادة.

2- القسمة الجبرية وأسبابها وإجراءاتها في السعودية

قد يتعذر تقسيم التركة بين الورثة بالرضاء، فيلجأ البعض منهم إلى إقامة دعوى القسمة، بحيث يتم تقسيمها تحت إشراف القضاء، فبالنسبة لإختصاص المحكمة بدعاوى التركات فإن المحكمة المختصة بهذا النوع من الدعاوى المقامة داخل المملكة العربية السعودية هي محكمة الأحوال الشخصية أو دوائر الأحوال الشخصية في المحاكم العامة في المحافظات التي ليس فيها محكمة أحوال شخصية وذلك وفق المادة 33 من نظام المرافعات الشرعية، أما إذا كانت دعوى قسمة التركة تتضمن عقار يقع خارج المملكة العربية السعودية فإن محاكم المملكة لا تختص بها، كما أن إختصاص المحكمة يقع في إختصاص مكان إقامة المدعى عليه، فإن لم يكن له محل إقامة في المملكة فيكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مكان إقامة المدعى، أما في حال عدم وجود محل إقامة للمدعى أو المدعى عليه في المملكة، فإنه يحق للمدعى إقامة دعوى قسمة التركة في إحدى محاكم مدن المملكة السعودية، بالإضافة أنه في حال تعدد المدعى عليهم يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق إختصاصها مكان إقامة أكثرهم.

هذا وتتم إجراءات إقامة دعوى قسمة التركة بين الورثة إبتداء بتحرير صحيفة الدعوى المتضمنة للمعلومات الهامة مثل تاريخ وفاة المورث وتحديد التركة التي خلفها أي كان نوعها، بحيث يتم تحديد كل نوع من أنواع التركة تحديد تفصيلي واضح، مع تذييل صحيفة الدعوى بطلب الحكم بقسمة التركة وإعطاء كل وارث نصيبه وحقه، وعلى هذا يجب أن يتم تقديم بعض المستندات الهامة أثناء السير في الدعوى كصك حصر ورثة المتوفى وصك الولاية على الورثة القصر وصك الوصية حال وجدت وصكوك الوكالة من الورثة البالغين وكشف بحسابات المتوفى في البنوك حال وجودها وشهادات ملكية الأسهم وصكوك العقارات.

وينظر القاضي بعد كل ذلك الدعوى ويتحقق من صك حصر الورثة المقدم ومن تمثيل جميع الورثة في الدعوى تمثيل صحيح ويتحقق القاضي أيضاً من وضع القصر حال وجودهم، بحيث يتأكد من وجود ولي عليه، بعد ذلك يحصر القاضي ديون التركة كالديون المتعلقة بعين التركة والديون المتعلقة بذمة المورث والديون المعدومة، ثم يحصر أملاك المورث التي يجب على جميع الورثة الإفصاح عنها للقاضي، كما يحق للقاضي حال إمتناع أحد الورثة عن الإفصاح بما يملكه المورث أن يأمر بإحضاره والقبض عليه.

ويحق أيضا للورثة أثناء سير دعوى قسمة التركة تقديم طلبات عارضة شريطة أن تكون تلك الطلبات متوافقة مع الطلب الأصلي في دعوى قسمة التركة، بمعنى أنه يحق لهم أن يطلبوا قسمة منافع الأموال المشتركة أو طلب تعيين حارس قضائي أو يحق لأحد الورثة طلب تسليمه نصيبه من النقد.

كما أن دعوى قسمة التركة لا يتم وقف سيرها إلا بأمر حال كانت منازعات القسمة يمكن أن تؤدى إلى إستغراق التركة، فتأمر المحكمة بوقف الدعوى لحين الفصل في تلك المنازعات، وفى نهاية الأمر تصدر المحكمة حكمها بعد إنتهاء القاضي من حصر ديون المورث وأملاكه، حيث يقوم بسداد تلك الديون من أموال التركة، ويقسم الباقي على الورثة حسب نصيب كل منهم الشرعي.

إذا كنت تبحث عن أفضل محامي تركات في الرياض يمكنك الإعتماد على مكتب مستشارك، حيث يوفر لك مكتبنا كافة الخدمات القانونية اللازمة في قسمة التركات في السعودية سواء قسمة التركة بالتراضي بين الورثة أو عن طريق اللجوء إلى المحكمة.


شارك المحتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي: