تعتبر جريمة غسل الأموال في السعودية من أخطر الجرائم التي تهدد الإقتصاد السعودي والمؤسسات التجارية، حيث أن عملية غسل الأموال هي عملية غير قانونية بالطبع، ولهذا تكرس المملكة العربية السعودية جهودها في التصدي لمثل هذا النوع من الجرائم، وذلك لما تمثله من أضرار وكوارث على الإقتصاد الوطني وكذلك على المؤسسات والأعمال التجارية، ومن أهم الآثار السلبية التي تمثلها عمليات غسل الأموال على الإقتصاد الوطني السعودي ما تساهم فيه من تقليل فرص النمو الاقتصادي للمملكة، وكذلك تؤثر هذه العملية على المؤسسات التجارية حيث أنه إذا قام أحد العاملين في المؤسسات أو الشركات ستصبح المؤسسة نفسها متورطة في عمليات غسل الأموال الإجرامية مما يسهم في ضرر المؤسسة بشكل كبير وذلك لعدم شعور المستثمرين حينها بالأمان تجاه الشركة أو المؤسسة، وذلك بدوره يعمل على فقدان الشركة للعديد من الفرص الإستثمارية والمستثمرين وبالتالي لا تحقق المؤسسات التطور الإقتصادي المرجو والذى بدوره يعود على المملكة بالنفع والازدهار، كما تعتبر عمليات غسل الأموال من أخطر العمليات على المجتمع السعودي، وذلك لأن هذه العملية تتيح للقائمين بذلك الجرم الفرصة في الحصول على المزيد من الأموال والسلطة من خلال توسع أنشطتهم الغير قانونية، والذى بدوره يعمل على التأثير على النسيج الاجتماعي للمملكة، ومن هذا المنطلق سوف نعرض في هذا المقال العقوبات التي أقرتها المملكة السعودية لجريمة غسل الأموال وفق نظام مكافحة غسل الأموال السعودي.
ما هي جريمة غسل الأموال في السعودية؟
تعتبر عملية غسل الأموال طبقاً لما هو منصوص عليه في المادة الثانية من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي أنها عملية حيازة و اكتساب أموال أو استخدامها مع العلم أنها محصلة بطريقة غير مشروعة أو من خلال جريمة، وذلك من خلال تحويل الأموال أو نقلها أو إجراء أي عملية بها، بغرض إخفاء مصدرها غير المشروع أو التمويه أو من أجل مساعدة شخص متورط في الجريمة التي تحصلت منها هذه الأموال وذلك للإفلات من ارتكاب جريمة تحصيلها، وليس ذلك فقط بل أيضاً وتعتبر عملية غسل الأموال طبقاً للنظام السعودي بأنها أي إخفاء أو تمويه لطبيعة أو مصدر أو ملكية أموال أو مكانها أو كيفية التصرف بها مع العلم بطريقة تحصيلها من خلال الجرائم، ويعتبر الشروع في أي من هذه الافعال السابق بيانها او الاشتراك في ارتكابها بطريقة المساعدة أو الاتفاق أو التوجيه والنصح أو التآمر و التستر من الافعال التي تندرج تحت جرم غسل الاموال في السعودية.
ما هي عقوبة جريمة غسل الأموال للأفراد في السعودية؟
وبعد أن سردنا معنى غسل الأموال تبعاً لما أقره نظام مكافحة غسل الأموال السعودي والكيفية التي تتم من خلالها عمليات غسل الأموال، كان لابد لنا أن نوضح العقوبات الرادعة التي عمل هذا النظام على وضعها وذلك لرد كل من تسول له نفسه في الإضرار بالنظام الإقتصادي والمجتمعي والأخلاقي في المملكة العربية السعودية.
حيث أقر نظام مكافحة غسل الأموال السعودي في جريمة غسل الأموال السابق بيانها عقوبة السجن مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز عشرة سنوات، أو غرامة لا تزيد عن خمسة ملايين ريال سعودي، أو بكلتا العقوبتين، وذلك طبقاً للمادة السادسة والعشرون من نظام مكافحة غسل الأموال في السعودية.
كما أقرت المادة السابعة والعشرون من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي معاقبة كل من ارتكب جريمة غسل الأموال، بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاثة سنوات ولا تتجاوز خمس عشرة سنة، أو بغرامة لا تزيد على سبعة ملايين ريال سعودي، أو بكلتا العقوبتين إذا اقترنت الجريمة بأي من الآتي: –
- ارتكاب جريمة غسل الأموال من خلال جماعة إجرامية منظمة.
- استخدام العنف أو الأسلحة.
- اتصال جريمة غسل الأموال بوظيفة عامة يشغلها الجاني، أو ارتكابها باستغلال السلطة أو النفوذ.
- الاتجار بالبشر.
- استغلال قاصر ومن في حكمه.
- ارتكاب جريمة غسل الأموال من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية أو في مرفق خدمة اجتماعية.
- صدور أي حكم سابق محلي أو أجنبي بإدانة الجاني.
وطبقاً للمادة الثامنة والعشرون من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي، يمنع السعودي المحكوم عليه بعقوبة السجن في جريمة غسل الأموال من السفر خارج المملكة العربية السعودية مدة مماثلة لمدة السجن المحكوم عليه بها، وطبقا لذات المادة أيضاً، يتم إبعاد غير السعودي المحكوم عليه في جريمة غسل الأموال عن المملكة وذلك بعد تنفيذ العقوبة المحكوم عليه بها، ولا يسمح له بالعودة إليها مرة أخرى.
هل يجوز تخفيف عقوبة مرتكبي جريمة غسل الأموال في السعودية؟
في حالة قيام أحد مرتكبي جريمة غسل الأموال بالإبلاغ عن مرتكبين آخرين للجريمة قبل علم السلطات بها، حيث أدى إبلاغه إلى ضبطهم أو ضبط الأموال أو متحصلات الجريمة، ففي هذه الحالة يجوز تخفيف العقوبة عنه لتكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز سبعة سنوات، أو غرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال سعودي ، أو كلتا العقوبتين، وذلك بعد مبادرة مرتكب الجريمة بإبلاغ السلطات بمعلومات لم يكن من الممكن الحصول عليها بطريق آخر، وذلك للمساعدة في القيام بتحديد مرتكبي الجريمة الآخرين أو ملاحقتهم قضائياً مع حرمان الجماعات الإجرامية المنظمة والتي لا حق لهم في هذه الأموال أو منعهم من السيطرة عليها ومنع ارتكاب جرائم غسل أموال أخرى أو الحد من آثارها، والحصول على أدلة جريمة غسل الأموال، وذلك طبقاً للمادة التاسعة العشرون والمادة الثلاثون من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي.
ما هي عقوبة جريمة غسل الأموال للشركات في السعودية؟
أقر نظام مكافحة غسل الأموال السعودي عقوبة الشخص ذو الصفة الاعتبارية في حال ارتكابه جريمة غسل الأموال بغرامة لا تزيد على خمسين مليون ريال سعودي ولا تقل عن ضعف قيمة الأموال محل الجريمة، كما يجوز معاقبة الشخص ذي الصفة الاعتبارية بالمنع بصفة دائمة أو موقتة للقيام بالنشاط المرخص له به سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو بتصفية أعماله في المملكة، أو بإغلاق مكاتبه والتي قام باستخدامها في ارتكاب جريمة غسل الأموال بصفة دائمة أو مؤقتة، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة الحادية والثلاثون من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي، كما أقرت المادة الثانية والثلاثون من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي جواز نشر ملخص الحكم الصادر بالعقوبة على نفقة المحكوم عليه في صحيفة محلية تصدر في مقر إقامته، وإن لم يكن هناك صحيفة في مقر إقامته ففي أقرب منطقة له، أو نشره في أي وسيلة أخرى مناسبة، وذلك بحسب تأثير ونوع وجسامة الجريمة المرتكبة، على أن يكون نشر الحكم بعد اكتسابه الصفة النهائية.
متى يجوز الحكم بمصادرة الأموال المرتبطة بجريمة غسل الأموال في السعودية؟
طبقا لما نصت عليه المادة الثالثة والثلاثون من نظام مكافحة غسل الأموال أنه في حال الإدانة بجريمة غسل الأموال يحق بموجب الحكم القضائي مصادرة الأموال المغسولة، الوسائط والمتحصلات وإن وجد اختلاط بينها وبين أموال تم اكتسابها من مصادر غير مشروعة فيصادر منها ما يعادل القيمة المقدرة لها، كما تحكم المحكمة في حال ارتكاب جريمة غسل الأموال بمصادرة الأموال المرتبطة بها بصرف النظر إذا كانت في ملكية أو حيازة مرتكب الجريمة أو أي طرف آخر.
كما أنه لا يجوز مصادرتها في حال أثبت صاحبها أنه حصل عليها لقاء ثمن عادل أو مقابل تقديمه خدمة تتناسب مع قيمتها أو حصل عليها بناءً على أسباب مشروعة أخرى مع جهله بمصدرها غير المشروع.
كما أحاط نظام مكافحة غسل الأموال السعودي بنقطة هامة جداً وهي حق المحكمة المختصة في إبطال بعض الأنشطة أو الأعمال أو منع تنفيذها والتي من شأنها أن تؤثر على قدرة السلطات المختصة في إسترداد الأموال الخاضعة للمصادرة سواء كانت هذه الأنشطة أو الأعمال عن طريق التعاقد أو غير ذلك متى علم أطرافها أو أحدهم.
أما في حالة تعذر محاكمة مرتكب الجريمة بسبب وفاته أو غيابه سواء لهروبه أو عدم تحديد هويته، فحينها تحكم المحكمة المختصة بمصادرة الأموال المرتبطة بجريمة غسل الأموال وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة الرابعة والثلاثون من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي.
كما أوضحت المادة الخامسة والثلاثون من ذلك نظام مكافحة غسل الأموال السعودي، أنه في حالة عدم توافر الأموال المرتبطة بجريمة غسل الأموال أو لعدم التمكن من تحديد مكانها ففي هذه الحالة تحكم المحكمة المختصة بمصادرة أموال أخرى يملكها مرتكب الجريمة تساوى قيمة تلك الأموال، أما إذا كانت قيمة متحصلات الجريمة المحكوم بمصادرتها أقل من قيمة المتحصلات الناشئة من الجريمة الأصلية، حينها لابد للمحكمة المتخصصة أن تحكم بالمصادرة من الأموال الأخرى لمرتكب الجريمة بما يكمل قيمة المتحصلات المحكوم بمصادرتها.
وكذلك يجب علينا الإشارة لما نصت عليه المادة السادسة والعشرون من نظام مكافحة غسل الأموال السعودي، وهو أيلولة الأموال التي قامت المحكمة المختصة بمصادرتها إلى الخزينة العامة، وتظل هذه الأموال محملة في حدود قيمتها بأي حقوق تتقرر بصورة مشروعة لأي طرف آخر.
كما أنه إذا حكم بمصادرة الأموال أو المتحصلات أو الوسائط المستخدمة أو التي اتجهت النية لاستخدامها أو استردادها وفقاً لأحكام النظام وكانت غير واجبة الإتلاف، فيجوز للسلطة المختصة التصرف في الأموال أو المتحصلات أو الوسائط المستخدمة أو اقتسامها مع الدول التي تربطها مع المملكة إتفاقيات أو معاهدات سارية وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة السابعة والثلاثون من نظام مكافحة جريمة غسل الأموال السعودي.
إقرأ أيضاً: عقوبة جريمة تزييف وتقليد النقود في السعودية