علمت «عكاظ»، عن صدور قرارات قضائية وأوامر تقضي بإلغاء نحو 110 صكوك وحجج استحكام على بحر جدة، وذلك بعد ثبوت استخراجها بشكل غير نظامي، لا يستند إلى مخططات تنظيمية معتمدة.
وبحسب مصادر، فإن الصكوك الملغاة تعود ملكيتها إلى أمراء ووزراء سابقين ورجال وسيدات أعمال وشركات وجهات حكومية وخاصة، إضافة إلى صكوك مجهولة الملكية.
وأوضحت مصادر مطلعة، أن الجهات العدلية راعت في قرارات الإلغاء عدم تضرر حسني النية؛ حرصاً على موثوقية الصكوك العقارية، وتعزيزاً للأمن العقاري، فضلاً عن حماية أراضي الدولة.
وكشفت مصادر «عكاظ»، أن أوامر الإلغاء صدرت من المحكمة العليا، عقب دراسة الصكوك، ورصد مخالفات عليها تستوجب إلغاءها وما تفرع منها من صكوك.
ونقلت المصادر، رصد مواقع على طبقة الصكوك الملغاة، بحسب قرار محاكم الاستئناف، ووفقاً لما رصدته كتابات العدل من مخالفات جرى الرفع بها، في حين تقرر تحويل إدراج مواقع مخالفة من الطبقة الحمراء إلى طبقة الصكوك الملغاة.
وأشارت المصادر، إلى أن محاكم الاستئناف رصدت مخالفات نظامية وشرعية لعدد من الصكوك المخالفة، واستغرق فحص ومراجعة الصكوك الملغاة نحو عامين نظراً لضخامة العمل بالرجوع لأصول المعاملات والسجلات القديمة.
وأكدت، أن الجهات المختصة تواصل دراسة صكوك أخرى لعدد من المواقع على بحر جدة، وفي حال اتضحت مخالفتها للأنظمة والتعليمات يتم اتخاذ الإجراءات النظامية حيالها.
حماية المرافق العامة
شهدت ساحات المحاكم، على مدى السنوات الأخيرة، حالة استنفار في ما يتعلق بمراجعة وتدقيق الصكوك، وحجج الاستحكام المخالفة.
وقالت مصادر: «وزارة العدل تعالج باهتمام موضوع الصكوك التي تم رصدها على مساحات كبيرة وبشكل غير نظامي، وتتعاون في هذا الإطار مع المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا والجهات المختصة، وتتم المعالجة عبر القضاء المختص وفق توجيهات عليا».
وتشدد المحكمة العليا، خلال إصدارها أحكاماً بإلغاء صكوك مخالفة، أن أوامر صدرت في أوقات متلاحقة تؤكد على المحافظة على الأراضي المخصصة في المرافق العامة للدولة والخدمات وإبقائها لما خصصت له، كما نصت التعليمات على عدم التصرف في أي أراض مخصصة للمرافق العامة إلا لما خصصت له وعدم استثناء أي كائن من كان في ذلك».
وذكرت المصادر، أن المحكمة العليا بالتنسيق مع محاكم الاستئناف ألغت السنوات الأخيرة صكوكاً وحجج استحكام غير نظامية وقررت نقلها إلى أملاك الدولة، وتنوعت مساحات الصكوك، وشملت عدة مناطق بالمملكة، عقب صدور أوامر قضائية بذلك، وجرت دراسة سجلات وأصول تلك الصكوك وثبت وجود مخالفات نظامية وشرعية عليها، وتنوعت المخالفات بين استخراجها بطرق مخالفة للنظام أو زيادة المساحة فيها أو صدورها من خارج الولاية المكانية للعقار.
وأصدرت محاكم سعودية، في أوقات سابقة، قرارات بالحجز التحفظي على عدد من الصكوك وحجج الاستحكام بمساحات كبيرة وخاطبت كتابات العدل للتحقق من نظاميتها عقب رصد ملاحظات عليها.
وأجازت محاكم الاستئناف، في عدة مناطق، جملة من الإجراءات الخاصة بسلامة الإجراءات الشرعية الخاصة بعدد من الصكوك وحجج الاستحكام ذات مساحات متفاوتة في عدد من المحافظات، التي أحيلت إليها من محاكم الدرجة الأولى للنظر فيها، إما بمعالجة وتصحيح بعض الجزئيات أو إلغاء تلك الحجج والصكوك إذا تبين استخراجها بطرق مخالفة.
وأضافت مصادر، أن التحركات المتتالية لوزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا في إبطال صكوك وحجج استحكام وتعديل مساحات تأتي في خطوة لتصحيح أخطاء قبل عشرات السنين وتجاوزات قديمة بهدف استعادة أراض لممتلكات الدولة. ودعمت وزارة العدل لجان فحص الصكوك في عدد من كتابات العدل بالمملكة لتسريع العمل واختصار الجهد والوقت لفحص وتدقيق المساحات الكبيرة، التي تزيد على 10 آلاف متر مربع، أو الصكوك القديمة التي صدرت في حقبة سابقة، وقد يكون شابها مخالفات بإضافة مساحات لتلك الصكوك.
«عكاظ» تكشف الخفايا
يعد أرشيف القضاء شاهد عيان على التحركات والمراجعات التي تجريها المحاكم من وقت لآخر على بعض الصكوك العقارية، إذ سجلت أروقة القضاء صدور قرارات عديدة من المحكمة العليا في السنوات الأخيرة، قضت بإبطال صكوك عقارية في مختلف المناطق.
وبحسب رصد «عكاظ»، لما سبق الإعلان عنه، فإن المحكمة العليا أبطلت صكاً على مساحة 14 مليون متر مربع شرق السعودية، صدر قبل 20 عاماً، وأبطلت ما تفرع عنه من صكوك أخرى عقب ثبوت صدوره مخالفاً للنظام.
وراجعت المحكمة العليا العام الماضي صكاً مملوكاً لإحدى الشركات، بعدما رصدت محكمة الاستئناف ملاحظات على الصك، ودرست مستندات التملك، ورصدت 9 ملاحظات على صك الملكية ما تسبب في إبطال الصك وإلغائه.
وجاء من بين أسباب إلغاء الصك، عدم العثور على أصل التملك أو الضبط الخاص بالصك، حيث تبين أنه مفقود في جهة الاختصاص، ما أوجد الشك والريبة في إجراءات الصك الصادر قبل 20 عاماً، وشددت المحكمة العليا في حكمها أن الأرض غير خالية من الشوائب والملكيات العامة وهي ملك للدولة.
وبينت المحكمة، أن من بين الملاحظات المرصودة على الصك، أنه لم يظهر سؤال وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية عن الصك عند صدوره كإجراء من بين الإجراءات المعمول بها، وهو ما يخالف التعليمات، فضلاً عن أن كتابة العدل التي أفرغت الصك ليس من اختصاصها، كونه خارج ولايتها المكانية.
صكوك مشطوبة ومساحات ملغاة
اطلعت «عكاظ» على وثائق قديمة وصكوك لمساحات ملغاة خلال السنوات الأخيرة، منها صك لمزرعة على مساحة 11 مليون متر مربع، استخرج ليلة 27 رمضان قبل 48 عاماً، بشكل مخالف، في حين صدرت أوامر قضائية بشطب صكوك على مساحات صغيرة تقارب 500 متر مربع، في حين دققت كتابات العدل وفحصت عدداً من الصكوك من قبل لجنة فحص الصكوك ذات المساحات الكبيرة.
وسجل أرشيف القضاء، أن المحكمة العليا كانت قد أبطلت قبل أعوام حجة استحكام صدرت قبل 48 عاماً لأرض متنازع عليها على مساحة 11 مليون متر شرق جدة، وتضمن الحكم إبطال كل ما تفرع عنه من صكوك، وقدرت قيمتها السوقية آنذاك بـ5 مليارات ريال.
ورصدت المحكمة العليا 15 ملاحظة على الصك، جاء أبرزها أنها رصدت تجاوزاً في شهادة الشاهدين على حجة الاستحكام، إذ لم يوضحا الأطوال والمساحة للأرض المذكورة حسب التعليمات، كما لم يذكر صاحب الاستحكام هوية الشهود أو المزكين، ولم يوضح الأطوال والمساحة، ولم يوضح أي من الشاهدين اللذين أحضرهما صاحب الاستحكام متى حصل الإحياء للأرض وما نوع الإحياء، وهل هو شامل أم لا، وتبين أن أحد الشاهدين حصل على جزء من الأرض المذكورة بالصك، وأفرغت لاحقاً باسمه.
ورصدت المحكمة العليا، أن حجة الاستحكام جرى ضبطها في السجلات يوم 26 رمضان قبل أكثر من 48 عاماً، وهو يوم يوافق إجازة رسمية في العمل، ولفتت أن ذلك أمر ملفت للنظر ويثير أكثر من سؤال، وكيف حضر صاحب الاستحكام وكاتب الضبط والشاهدان والمزكيان في اليوم الذي يوافق إجازة رسمية؟
وشددت المحكمة العليا على أن مساحة الأرض كبيرة ولا يمكن إحياؤها من شخص واحد يسقي هذه الأرض من بركة، حسب ما ذكر، ولا يتصور عقلاً ولا شرعاً إحياء هذه المساحة بالزراعة لضعف الإمكانات آنذاك، والبركة المذكورة لا يمكن بمائها إحياء هذه المساحات الشاسعة الواسعة؛ لذا قررت المحكمة العليا بالإجماع إبطال صك الاستحكام وإلغاء جميع الصكوك المتفرعة عنه والتهميش عليها.
المصدر / عكاظ